هل للهوايات مستقبل في بلادنا العربية؟

هل للهوايات مستقبل في بلادنا العربية؟

لا شك أن الحالة الاقتصادية لبعض البلدان العربية هي المحرك الأساسي الذي يحدد الوظائف التي يقبل عليها الشباب والمتعلمون. ففي بلادنا نجد الأسرة تفخر بشدة رذا تم قبول أبنائها وبناها في كليات مثل الطب والهندسة، ولكم هل وجدت أسرة تفخر بدخول ابنها كلية التجارة؟ أو كلية الفنون   

إن ثقافة أمتنا العربية تسير في إطار "تأمين المستقبل" وهذا بالطبع مفهوم، ولكن ماذا عن الهوايات الضائعة التي لم تحظ بفرصة لتشق طريقها ف وسط هذا الضغط المجتمعي؟

قصص حقيقية

تحكي المعلمة نسمة قصة حبها للديكور، فمن صغرها تجذبها الكاتالوجات والأثاث، وكان تعشق رسم الغرف وتصميم الأثاث. تقول نسمة "كن أرسم في زي ورقة أمامي غرفة بصميم كلاسيكي أو حديث، كنت عاشقة للتفاصيل وكان كل من يرى رسوماتي وتصميماتي ينبهر بها. في امتحان "العمارة " للثانوية العامة صممت مدينة سكنية ذات طراز معماري حديث في أقل من ساعة. وأذكر جيدًا كيف وقف مراقب اللجنة بجواري متأملًا رسمتي".

وتكمل نسمة قائلة: "وحين جاء وقت التنسيق واختيار الكليات، وعلى الرغم من أني أعرف قراري جيدًا، بدأت أسرتي تعترض على اختياري لكلية الفنون الجميلة، فأصرت والدتي أنها ليست من كليات القمة وأنا مجموعي كبير ويمكنني الدراسة في كلية الهندسة، أما والدي فأصر على عدم دخولي هذه الكلية مؤكدًا أن لا مستقبل لها. وعلى الرغم من شدة تعلقي بحلمي، إلا أنني احترمت رأي أهلى وتقدمت لكلية الهندسة".

وتعمل ريهام حاليًا معلمة لغة إنجليزية، وهو بعيد كل البعد عن مجال الهندسة، وحين سألتها عن ذلك أجابت قائلة "لم أجد شغفي في كلية الهندسة، وبعد التخرج حصلت على عدة كورسات في التدريس واللغة الإنجليزية وأعمل حاليًا معلمة للغة الإنجليزية في إحدى المدارس الدولية في مصر".

أما الدكتورة منى فتحكي قصتها عن حب التسجيل الصوتي، فقد كان حلمها منذ الصغر العمل في الإذاعة وبرامج الراديو، كما أنها كانت متمكنة في قراءة قصص الأطفال بأسلوب روائي شيق، ومنذ أن كانت في الثانية عشر من عمرها وهي تحلم باليوم الذي تعمل فيه مذيعة راديو أو تليفزيون. ومرت السنين وجاء وقت التنسيق، ولكن حين جاء  الاختيار بين أن تدخل كلية الطب أو الإعلام، رجحت الكفة ناحية الإعلام من ناحية الأسرة والأصدقاء والمجتمع. ولكن منى ضحكت قائلة "ولكني لم أتوقف عن التسجيل الصوتي، وبين الحين والآخر أسجل رسائل صوتية أشرح فيها بعض دروس الطب للطلاب، ولا أخفيك، هذا هو جزئي المفضل في العمل".

والقصص المشابهة لذلك لا حصر لا، فكم من عاشق للغناء اضطر لإخفاء موهبته بسبب الضغط المجتمعي أو الأسري، وكم من محب للرسم تم التقليل من شأن موهبته - إلا من رحم ربي. وعلى الرغم من ذلك فأملنا أن العصر الحالي يشهد العديد من التغييرات في الفكر وفي الأسلوب وفي طريقة اتخاذ القرارات. فنجد الآن الأمهات تشجع أطفالها على تعلم العزف، وعلى التمارين الرياضية وغيرها.

Back to blog